تعد مِصر مؤخراً من أكثر الدول تعدداً وثراءً في أسباب الوفاة، والتي قد تتضمن وعلى مضض الوفاة الطبيعية.
ربما يكون هذا التعدد قديما ولكن أصبح معروفاً الآن بوضوح لتعدد وسائل الإعلام وتراجع سلطة الدولة في إخفاء هذا التفرد، ولوجود الإعلام الشعبي أيضاً.
ففي مصر تجد الوفاة تتضمن الإثارة والتشويق والفزع والهلع؛ هناك وفاة حرقاً مثل حرق قصر ثقافة بني سويف، حريق قطار الصعيد، وربما لخلاف سلطوي يموت طيار حرقاً لاستهداف طائرته من متطرفين.
وهناك الوفاة غرقاً ومنها غرق العبارة وغرق مراكب الهجرة غير الشرعية، فحتى الهروب من بلد متعددة الموت قد ينتهي بموت.
وتجد الابتكار في الموت أثناء تشجيع فرقتك الكروية، فكل ما يدور بخُلدك عند الذهاب لمباراة هو التشجيع والهتاف وفي أسوأ الظروف هزيمة فريقك، ولكن لتفردنا فحضورك لمباراة قد ينتهي بقذفك من أعلى مدرجات أو طعناً بسكاكين .. ولزيادة الإثارة يتم غلق الأبواب بلحام ويفتح كردون الأمن أزرعه للقتلة في حركة فتحي يا وردة الشهيرة.
وإذا انتهى بك الحال في أحد الأقسام ظلماً أو عدلاً فقد تختبر أنواع أخرى من الموت المبتكر وهي النكتة الشهيرة “هيمسكوك السلك عريان” سواء اختيارياً أو قهرياً أو قدرياً (ما تدخلنيش في النوايا يا مدحت).
أما آخر حلقات الإثارة والتشويق هي الموت تجمداً، فإذا فكرت في رحلة ترفيهية وفكرت في تجربة شيء جديد كالتسلق فتلقى نهاية جديدة وهي الموت متجمداً نتيجة لهبوب عاصفة ثلجية (مش مهم متوقعة أو لأ) ولكن يُبهرك تأخر عمليات الإنقاذ .. وفكرت مع نفسي للحظة ماذا لو كنت مسؤولة عن إصدار الأمر بإرسال طيارة إنقاذ ولكن لا أستطيع ذلك دون تصريح! فهل أقرر أن أخسر وظيفتي في سبيل قرار فوري لإنقاذ أرواح بشرية بغض النظر عن الجنسية؟! أم سأؤثر السلامة والإلتزام وانتظار التصاريح حتى لو اقتضى ذلك عدة أيام .. وأرواح؟! (لن أذكر قراري الشخصي علشان ماتزعلش يا مدحت).
تفشي الإهمال والتقاعس عن اتخاذ ما يلزم عند وقوع المصيبة أو اتخاذ القرار، والذي يُتخذ حسب جنسية الضحية ؛ والتي تُعد الأساس في تحديد سرعة الإنقاذ بل وتحديد قيمة التعويضات للضحايا أيضاً.
ولن أقول أصبحت الوفاة الطبيعية أمل الكثيرين في مِصر، بل أصبحنا كالخيل المريض يتمنى رصاصة الرحمة حتى لا نضطر أن نعيش آخر لحظات/أيام حياتنا في هلع وفزع ورعب.
ولأن رصاصة واحدة لا تكفي ففرحنا بخبر النيزك المنتظر دون الدخول في تأثيره الفعلي إذا ما اصطدم بالأرض، فكثير منا يعيش الآن لأن الانتحار مُحرم في معتقده الديني، وربما لأنه لا يقوى نفسيا على هذا القرار.
فكثيرا ما رددنا ضاحكين “نيزك من عندك يا رب!” وعندما علمنا باقتراب صخرة عملاقة من كوكب الأرض وعلى عكس باقي الشعوب التي صلت ودعت لابتعادها عن الأرض كان حزننا العميق كمصريين أنها لم تصطدم بنا.
ضربت الودع ماطلعش النيزك جدع.
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق